غرفة 502
«هناك مفتاح معلّق بجانب صناديق البريد المشتركة دائماً──»
بهذه الكلمات، بدأ يحكي قصة غريبة عن الشقة التي كان يسكنها في الماضي.
قال إنه كان يعيش في شقة مكونة من ثلاثة طوابق في ضواحي المدينة، وذلك في أوائل العشرينات من عمره. لاحظ وجود المفتاح المعلّق خلف صناديق البريد بعد أن مرّ بعض الوقت على انتقاله للعيش هناك.
في البداية، ظنّ من مظهره أنه مفتاح لأحد الشقق في المبنى نفسه، لكن كان هناك بطاقة بلاستيكية زرقاء باهتة معلّقة بالمفتاح مكتوب عليها الرقم “502”، وهذا ما لم يتوافق مع عدد الشقق في المبنى، إذ إن كل طابق يحتوي على ست شقق فقط، أي أن الإجمالي هو 18 شقة، ولا يوجد شقة تحمل الرقم 502.
ثم إن مجرد وجود مفتاح معلّق في الخارج بهذه الطريقة هو أمر مريب وغير منطقي.
في ذلك المبنى، كان هناك شقة يسكنها المالك (المالك الحالي)، وكان يراه من حين لآخر. وذات يوم، بينما كان يخرج القمامة ويعود إلى شقته، صادف المالك في الممر المشترك.
تبادل معه تحية سريعة، ثم تذكر أمر المفتاح المعلّق بجانب صناديق البريد. فسأله قائلاً: «بالمناسبة، ما قصة ذلك المفتاح المعلّق؟»
بدا أن المالك فهم المقصود مباشرة، وأخبره بالحكاية المرتبطة بذلك المفتاح.
قال إنّه لا يعرف متى بدأ المفتاح يُعلّق هناك، لأن العقار كان في الأصل مملوكاً لوالدته، وبعد وفاتها ورثه عنها، وكان المفتاح موجوداً عند استلامه للعقار.
أخذ المفتاح معه إلى داخل المنزل، إذ ظنّ أنه لا يصح تركه في الخارج، رغم أنه لم يكن يعلم إلى أي باب أو شقة ينتمي.
لكن، لم تمضِ فترة طويلة حتى بدأت تصل إليه شكاوى من سكان الطابق الثالث بخصوص ضوضاء غريبة. استاء من ذلك، خصوصاً أنه بدأ يواجه المتاعب فور استلامه للمبنى، ولكن حين استمع إلى التفاصيل، وجد أن الأمر يبدو غير طبيعي.
إحدى الشكاوى قالت إن هناك صوت طرق شديد على الباب في منتصف الليل، وكأن أحداً يضربه من الأعلى.
المسؤول عن العقار في شركة الإدارة، بعد أن تحقّق جيداً مما إذا كان الصوت فعلاً يأتي من الطابق العلوي، ظن في البداية أنه سوء تفاهم وقرر الانتظار ومراقبة الوضع.
لكن بعد فترة قصيرة، عاد نفس الساكن واشتكى مجددًا. وعندما تم سؤال بقية السكان، قال البعض إنهم سمعوا بالفعل مثل تلك الأصوات قادمة من الأعلى.
عندها وصلت الشكوى إلى مسامع المالك. وكان الساكن المتضرر متردداً في البداية، لكنه أخبره أنه هو من يسكن في الطابق الأعلى، أي أنه لا يوجد أحد فوقه.
أثناء الحديث، اتضح أن تلك الأصوات تحدث كل ليلة، وأنها بدأت في نفس اليوم الذي أخذ فيه المالك المفتاح إلى داخل شقته.
السكان كانوا قد لاحظوا وجود المفتاح من قبل أيضاً. ويُقال إن أحدهم سأل المالكة السابقة عنه، لكنها فقط ابتسمت ابتسامة غامضة وقالت: «آه، هذا المفتاح… لا بد أن يُترك هناك، وإلا فلا خير». ولم يجرؤ الساكن على سؤالها أكثر من ذلك.
بدأت القصة تأخذ طابعًا غامضًا، حتى أن أحد السكان وصف صوت الطرق الليلي وكأن هناك من يصرخ “افتح الباب!”، كأن شيئًا ما بقي في الخارج حين أُغلِق الباب أمامه، والآن هو يطالب باستعادة ما سُلب منه.
فكّر المالك أن يُعيد المفتاح إلى مكانه بجانب صناديق البريد، على سبيل التجربة.
لكنه فوجئ بأن الأصوات لم تتوقف بعد إعادته.
جلس مع مسؤول شركة الإدارة يناقشان إن كان السبب فيزيائياً، كأن يكون هناك صدى صوت أو تضخيم ناتج عن تضاريس المكان. وهنا تذكّر المالك فجأة أن المفتاح كان معه بطاقة بلاستيكية زرقاء.
تلك البطاقة، التي انكسرت عندما أخذ المفتاح أول مرة، كان قد تخلّص منها. ويتذكّر أنها كانت تحمل رقماً مكوناً من ثلاثة أرقام، لكنه نسي الرقم تمامًا.
سأل السكان إن كان أحدهم يتذكّر الرقم، لكن لا أحد كان يتذكّره.
حينها اقترح أحد السكان، وهو يضحك: «حسنًا، لنجرّب من 401 فصاعدًا، رقماً رقماً!»
وبالفعل، بدأوا يكتبون رقماً على بطاقة جديدة ويعلّقونها بالمفتاح، ويتركونها لعدة أيام. ثم يغيّرون الرقم ويكرّرون الأمر.
وعندما علّقوا البطاقة المكتوب عليها “502”، توقفت الأصوات تمامًا.
أنهى قصته بابتسامة، وقال:
«سمعت هذه القصة، وأعترف أنها مخيفة نوعاً ما، لكنني لم أختبر شيئًا بنفسي.
وفوق ذلك، كان الإيجار منخفضًا جدًا مقارنةً بالسوق، فبقيت هناك فترة طويلة».
ثم أمسك وبدأ يفتح كتاب الخرائط، يبحث عن المبنى، وهو يمسك كتاب الخرائط بإصبعه لكنه قال ضاحكًا وهو يحدّق في الكتاب :
تعليقات
إرسال تعليق